وهذه الرخصة لا تكون إلا بعد استنفاذ كل الأساليب التي
يمكن أن تؤدي الغرض، فإن لم تستنفذ أو ظن عدم فلاحها، فحينذاك يمكن اللجوء إلى هذا
الأسلوب مع رعاية الشروط الأخرى.
ولهذا، فإن تأفف إبراهيم u على
قومه وإسماعهم ما أ سمعهم لم يحصل إلا بعد أن استنفذ كل أساليب الدعوة والإرشاد،
فوعظهم وحاورهم وأقام عليهم الحجج الملموسة.
وهكذا، فإن المربي الصادق لا يلجأ لهذه الوسيلة الشديدة
إلا في إطار ضيق محدود:
فيمكن أن يكون المخطئ جاهلا فيعلمه، كما
روي عن عمر بن أبي سلمة قال: كنت غلاماً في حِجْر رسول الله a وكانت
يدي تطيش في الصحفة، فقال لي رسول الله a:(يا غلام سمِّ
الله، وكلْ بيمينك، وكلْ مما يليك)[2]، فلم
ينهره رسول الله a، ولم يغلظ عليه، بل علمه أدب الأكل.
ومثل ذلك ما ورد في قصة معاوية بن الحكم حيث قال: بينما
أنا أصلي مع رسول الله a إذ عطس رجل من
القوم فقلت:(يرحمك الله)، فرماني القوم بأبصارهم فقلت:(ما شأنكم تنظرون إلي)، فجعلوا
يضربون بأيديهم على أفخاذهم، فلما رأيتهم يصمتونني سكت، فلما صلى رسول الله a، فبأبي
هو وأمي ما رأيت معلماً قبله ولا بعده أحسن تعليماً منه، فوالله ما نهرني ولا
ضربني ولا شتمني، قال:(إن هذه الصلاة لا يصلح