نام کتاب : أحكام الطلاق والفسخ وآثارهما نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 46
وكما نص الحنفية في طلاق المخطئ أن من
أراد أن يقول لامرأته اسقيني ماء فقال لها: أنت طالق، وقع، واستدلوا على ذلك بأن
الفائت بالخطأ ليس إلا القصد، وهو ليس شرطا لوقوع الطلاق كالهازل واللاعب بالطلاق[1].
ومنهم في مقابل ذلك من حاول أن يلغي
الطلاق إلغاء كليا بوضع الصيغ التي تحبس صاحبها عن التعليق، وتجعل كل ما وضع
الشارع من أساليب للتفريق بين الزوجين لغوا وهدارا، كهذه الصيغة المنسوبة لابن
سريج، فقد نصوا على أنه لو قال: كلما طلقتك فأنت طالق قبله ثلاثا، لا يقع منه
الطلاق بعد ذلك؛ لأنه لو وقع لزم وقوع ما علق به وهو الثلاث، وإذا وقعت الثلاث
امتنع وقوع هذا المنجز، فوقوعه يفضي إلى عدم وقوعه، وما أفضى وجوده إلى عدم وجوده
لم يوجد[2].
وذكر ابن دقيق العيد وجها آخر معاكسا
لهذه الحيلة، فقال: (الحيلة في حل الدور: أن يعكس، فيقول: كلما لم يقع عليك طلاقي،
فأنت طالق قبله ثلاثا، فإذا طلقها وجب أن يقع الثلاث؛ لأن الطلاق القبلي - والحالة
هذه - معلق على النقيضين، وهو الوقوع
[1]
بدائع الصنائع:3/101، ومما يروى من التساهل في الطلاق واللعب به أن رجلا من العرب
طلق في يوم خمس نسوة.وذلك أنه دخل عليهن يوما فوجدهن متلاحيات متنازعات وكان
شنظيرا. فقال: إلى متى هذا التنازع ما إخال هذا الأمر إلا من قبلك يقول ذلك
لامرأة منهن اذهبي فأنت طالق. فقالت له صاحبتها: عجلت عليها الطلاق ولو أدبتها
بغير ذلك لكنت حقيقا. فقال لها: وأنت أيضا طالق. فقالت الثالثة: قبحك الله
فوالله لقد كانتا إليك محسنتين وعليك مفضلتين. فقال: وأنت أيتها المعددة
أياديهما طالق أيضا. فقالت له الرابعة وكانت هلالية وفيها أناة شديدة: ضاق
صدرك عن أن تؤدب نساءك إلا بالطلاق. فقال لها: وأنت طالق أيضا. وكان ذلك
بمسمع جارة له فأشرفت عليه وقد سمعت كلامه فقالت: والله ما شهدت العرب عليك وعلى
قومك بالضعف إلا لما بلوه منكم ووجدوه فيكم أبيت إلا طلاق نسائك في ساعة واحدة.
قال: وأنت أيضا أيتها المؤنبة المتكلفة طالق إن أجاز زوجك. فأجابه من داخل
بيته: هيه قد أجزت قد أجزت.
ومن ذلك أن
المغيرة بن شعبة دخل على زوجته فارعة الثقفية وهي تتخلل حين انفتلت من صلاة الغداة
فقال لها: إن كنت تتخللين من طعام اليوم إنك لجشعة وإن كنت تتخللين من طعام
البارحة إنك لبشعة كنت فبنت. فقالت: والله ما اغتبطنا إذا كنا ولا أسفنا إذ
بنا وما هو لشيء مما ذكرت ولكني استكت فتخللت للسواك. فخرج المغيرة نادما على ما
كان منه.