وقد
روي أنه عندما اشتد بك المرض، مررت على المقابر، فقلت: (السلام عليكم يا أهل
القبور من المؤمنين والمسلمين، يا أهل الدار هل علمتم أن اليوم جمعة)، وبعد أن عدت
إلى بيتك، واستلقيت على فراشك، سمعت قائلا يقولك لك: (وعليكم السلام يا أبا عبد
الله، تكلمت فسمعنا، وسلمت فرددنا، وقلت: هل تعلمون أن اليوم جمعة، وقد علمنا ما
تقول الطير في يوم الجمعة: قدوس.. قدوس.. ربنا الرحمن الملك) [2]وعندما
أفقت من غفوتك التفت إلى من حولك قائلاً لهم: (أسندوني)، فلما أسندوك رمقت السماء
بطرفك، وقلت: (يا من بيده ملكوت كل شيء وإليه ترجعون، وهو يجير ولا يجار عليه بك
آمنتُ، ولنبيك اتبعت، وبكتابك صدقتُ، وقد أتاني ما وعدتني، يا من لا يُخلف الميعاد
اقبضني إلى رحمتك، وانزلني دار كرامتك، فأنا أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك
له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله) [3]ثم التفت إلى من
حولك قائلاً: (قال لي رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم: (إذا حضرك أو أخذك الموت،
حضر أقوام يجدون الريح ولا يأكلون الطعام ـ) تعني الملائكة، ثم أخرجت صرةً من مسك،
فقلت: (هبة أعطانيها رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم)، ثم بللتها، ونضحتها حولك، ثم
قلت لأهلك: (قومي أجيفي الباب)، ففعلت، وجلست هنيهة، فسمعت هسهسةً، فصعدت، فإذا أنت
قد مت وكأنما أنت نائم[4].