نام کتاب : رسائل إلى الصحابة المنتجبين نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 264
وقد
حدث الأصبغ بن نباتة، قال: (فبينما نحن كذلك ـ منشغلين بموت سلمان ـ إذ أتى رجل
على بغلة شهباء متلثماً، فسلم علينا، فرددنا السلام عليه، فقال: يا أصبغ جدوا في
أمر سلمان، وأردنا أن نأخذ في أمره، فأخذ معه حنوطاً وكفناً فقال: هلموا، فان عندي
ما ينوب عنه، فأتيناه بماءٍ ومِغسل، فلم يزل يغسِّلُه بيده حتى فرغ، وكفَّنهُ
وصلينا عليه ودفنَّاه ولحدَّه علي بيده، فلما فرغ من دفنه وهمَّ بالانصراف تعلقت بثوبه،
وقلت له: يا أمير المؤمنين، كيف كان مجيئك؟ ومن أعلمك بموت سلمان؟ قال: فالتفت إلي
وقال: آخذُ عليك ـ يا أصبغ ـ عهد الله وميثاقه أنك لا تحدث به أحداً ما دمتُ حياً
في دار الدنيا، فقلت: يا أمير المؤمنين، أموت قبلك؟ فقال: لا يا أصبغ، بل يطول
عمرك، قلت: يا أمير المؤمنين، خذ علي عهداً وميثاقاً، فإني لك سامع مطيع، إني لا
أحدث به حتى يقضي الله من أمرك ما يقضي، وهو على كل شيء قدير.. فقال لي: يا أصبغ،
بهذا عهدني رسول الله، فاني قد صليت هذه الساعة بالكوفة، وقد خرجت أريد منزلي،
فلما وصلت إلى منزلي اضطجعت، فأتاني آتٍ في منامي وقال: يا علي، إن سلمان قد قضى
نحبه، فركبت وأخذت معي ما يصلح للموتى، فجعلت أسير، فقّرب الله لي البعيد، فجئت
كما تراني، وبهذا أخبرني رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم.. ثم إنه دفنه وواراه، فلم
أرَ صعد إلى السماء، أم في الأرض نزل، فأتى الكوفة والمنادي ينادي لصلاة المغرب[1].هذه
سيدي كانت خاتمة حياتك الطويلة، والتي عشت فيها جميعا باحثا عن الحقيقة، لا عن
الأموال، وقد آتاك الله بحسب نيتك، فشرفك بلقاء أشرف خلقه، وشرفك بأن تنجح في كل
الاختبارات، وتحافظ على كل العهود، وتمثل كل القيم.. وشرفك بعد