لكنك ـ
سيدي الكريم ـ ولأمر أراده الله، وفي تلك اللحظات التي غشي عليك فيها بسبب العذاب
الشديد، رحت تنطق بما يحبون، وتتألم لذلك.. وقد لقيك حينها رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم
وأنت تبكي؛ فجعل يمسح، عن عينيك ويقول: (أخذك الكفار فغطوك في النار، فقلت كذا
وكذا، فإن عادوا فقل لهم ذلك)[1]
وقبلها
جئت رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم متألما حزينا، فقال: (ما وراءك؟)، فقلت: شر يا رسول
الله! والله ما تركت حتى نلت منك وذكرت آلهتهم بخير، فقال a: (فكيف تجد قلبك؟)، فقلت:
مطمئن بالإيمان، فقال: (فإن عادوا فعد)[2]
حينها
تنزلت تلك الآيات الكريمة تشهد لك بالإيمان، وتعطي الرخصة لمن حصل لهم ما حصل لك
بأن يتقوا لدينهم، لا حفظا لذواتهم، وإنما ليحفظوا الرسالة التي يحملونها.. لقد
قال الله تعالى: ﴿مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا
مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ
بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾
[النحل: 106]وكانت تلك الآية الكريمة التي لا تُقرأ إلا وتُذكر معها أعظم شهادة لك
بالدرجات الرفيعة من الإيمان.. فالطمأنينة هي التي طلبها إبراهيم عليه السلام حين
طلب رؤية كيفية إحياء الموتى، كما قال تعالى: ﴿قَالَ بَلَى وَلَكِنْ
لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي ﴾ [البقرة: 260]