وكنت
تخبرهم عن مصدر علمك بعلوم الفتن والنفاق، وأنها حرصك الشديد على نقاء الإسلام
وصفائه، ولذلك كنت تسأل رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم عن الشر أكثر من سؤالك له عن
الخير، لأن الشيطان قد يسرب من الشر ما يحبط كل عمل، ويفسد كل خير، مثلما يفعل
السم القليل مع الطعام الكثير.
لقد
كنت تصيح فيهم قائلا: (يا أيها الناس، ألا تسألوني؟ فإن الناس كانوا يسألون رسول
الله a
عن الخير، وكنت أسأله عن الشر، أفلا تسألون عن ميت الأحياء؟ فقال: إن الله تعالى
بعث محمدا a فدعا الناس من الضلالة إلى الهدى، ومن الكفر إلى الإيمان، فاستجاب له من
استجاب، فحيي بالحق من كان ميتا، ومات بالباطل من كان حيا، ثم ذهبت النبوة فكانت
الخلافة على منهاج النبوة، ثم يكون ملكا عضوضا، فمن الناس من ينكر بقلبه ويده
ولسانه والحق استكمل، ومنهم من ينكر بقلبه ولسانه كافا يده وشعبة من الحق ترك،
ومنهم من ينكر بقلبه كافا يده ولسانه وشعبتين من الحق ترك، ومنهم من لا ينكر بقلبه
ولسانه فذلك ميت الأحياء)[2]
وكنت
تتعجب من الذين يسكتون من التحذير من أئمة الفتن مع علمهم بهم، فتقول: (والله ما
أدري أنسي أصحابي أم تناسوا؟ والله ما ترك رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم من قائد
فتنة إلى أن تنقضي الدنيا يبلغ من معه ثلثمائة فصاعدا إلا قد سماه لنا باسمه واسم
أبيه