نام کتاب : رسائل إلى الصحابة المنتجبين نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 103
وقد
يجزي عنك الحكيم بغير التعليم، وقد أردت إيصاءك بأشياء كثيرة، فأنا تاركها
اعتماداً على بصرك بما يرضيني ويسعد سلطاني، ويصلح به رعيتي، ولست تاركاً إيصاءك
بخصلة: لا تتحم عن شتم علي وذمه، والترحم على عثمان والاستغفار له، والعيب على
أصحاب علي، والإقصاء لهم، وترك الاستماع منهم؛ وبإطراء شيعة عثمان رضوان الله
عليه، والإدناء لهم، والاستماع منهم)، فقال
المغيرة: (قد جربت وجربت، وعملت قبلك لغيرك، فلم يذمم بي دفع ولا رفع ولا وضع،
فستبلو فتحمد أو تذم)، قال: (بل نحمد إن شاء الله) [1]
وهنا
بدأ المغيرة ينفذ مثله مثل سائر الولاة في الأقاليم المختلفة هذه السياسة، والتي
يمكن اعتبارها أخطر ثورة مضادة للإسلام.. يقول الطبري: (أقام المغيرة على الكوفة
عاملاً لمعاوية سبع سنين وأشهراً، وهو من أحسن شيء سيرةً، وأشده حباً للعافية، غير
أنه لا يدع ذم علي والوقوع فيه والعيب لقتلة عثمان، واللعن لهم، والدعاء لعثمان
بالرحمة والاستغفار له، والتزكية لأصحابه) [2]
وهنا
يبدأ اختبار الوفاء.. أما الساقطون في هذا الاختبار، فقد راحوا يستعملون كل ما
عندهم من دهاء وخداع لإرضاء الوالي والخليفة.. فكتبوا الأشعار، وسطروا الأخبار، ووضعوا
الأحاديث، وفعلوا كلما يقربهم من السلطان، حتى الإمام علي إلى نكرة لا قيمة له في
الدين، ولا أثر له في الصحبة.. بل اعتبروه ثقلا ووبالا على الأمة، وليس سفينة
لنجاتها.
[1]
تاريخ الطبري = تاريخ الرسل والملوك، وصلة تاريخ الطبري (5/ 253)