استفدنا من خروج روسيا منتصرة من الحرب العالمية
الأولى بعد الذي عاناه الناس من ظلم القياصرة ورجال الدين.
واستفدنا من
الفراغ الهائل الذي أعقب الحرب الأولى بعد أن انطلق الشعبان الأمريكي والإنجليزي
إلى عصر الجاز ابتداء من سنة (1920م) ونادوا بحلول الخمر محل الدم، وسقطت القيم
التي كانت تسود المجتمع قبل الحرب، وظن الناس أن الفلسفة الماركسية هي المرشح لملء
الفراغ النفسي لدى جماهير الأوروبيين.
واستفدنا في
الثلاثينات من استفحال أمر الفاشية والنازية، ولم يبق أمام الكاتب أو الشاب المثقف
إلا الهرب إلى البلشفية، لأنها القوة الوحيدة التي يمكن أن تقف أمام البرابرة حملة
الصليب المعكوف[1].
واستفدنا من
الجشع الغربي لامتصاص دماء البشر.. ومن أجل إبقاء الأسعار مرتفعة كانت آلاف
الأطنان من الثمار والحبوب وعشرات الألوف من الخنازير تلقى في البحر، بينما الجوع
ينشب أظفاره في خناق الناس.
واستفدنا من
انتصار الحلفاء في الحرب العالمية الثانية، فابتلعنا دول أوربا الشرقية.
قلت: أنا لم
أسألك عن صعودكم.. وما استفدتم حتى تصلوا إليه، ولكني سألتك عن سقوطكم، وما الذي
جعلكم تقعون فيه.
قال: ألا
تعلم أن أسباب الصعود هي نفسها أسباب السقوط.. فلذلك بقدر ما ارتفعنا بقدر ما
سقطنا.
قلت: كيف
ذلك؟
قال: إن
الأسباب التي أدت إلى صعودنا.. هي نفسها الأسباب التي أدت إلى