وهذا المثال يكاد
ينطبق تماما على الكثير من اكتشافات هذا العصر حيث تلهث البشرية كل حين وفي كل
مجال، وحيث استغل العلم ليغذي ذلك اللهث الذي لا ينقطع، بل اعتبر ما عداه من
العلوم الإنسانية مجرد ثقافات عامة لا تمت بصلة للعلم، ولذلك اختار القرآن الكريم
مثال الكلب ليشبه تلك الحيرة، قال القتيبي:( كل شيء يلهث فإنما يلهث من إعياء أو
عطش، إلا الكلب فإنه يلهث في حال الكلال وحال الراحة وحال المرض وحال الصحة وحال
الري وحال العطش. فضربه الله مثلا لمن كذب بآياته فقال: إن وعظته ضل وإن تركته ضل;
فهو كالكلب إن تركته لهث وإن طردته لهث)
ويضرب القرآن
الكريم المثل على ذلك بطاغيتين كان الفرح بالعلم أحد أسباب طغيانهما هما قارون
وفرعون :
أما قارون فأجاب
الصالحين من قومه الذبن نهوه عن الفرح بما عنده بقوله : ﴿ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي ﴾ وعقب الله تعالى على ذلك بقوله:﴿ أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ
أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنْ القُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً
وَأَكْثَرُ جَمْعًا وَلَا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمْ الْمُجْرِمُونَ﴾(القصص:78) ليبين أن علمه ذلك جهل مادام قد
صرفه عن ربه، وصرفه قبل ذلك عن نفسه.
أما فرعون فقد
هاله مارآه في عصره من اكتشافات واختراعات فظن أن الله يدرك باختراع من الاختراعات
مثلما يفعلون الآن عندما يريدون البحث عن الروح أو العالم الآخر من خلف المناظير
والمجاهر قال تعالى :P وَقَالَ
فِرْعَوْنُ