(المرء مع من أحب
وأنت مع من أحببت)، فما رأيت فرح المسلمون بعد الإسلام فرحهم بهذا[1].
ولهذا لما حضرت
بلالا الوفاة قالت امرأته :واحزناه، فقال:بل واطرباه، غدا نلقى الأحبة محمدا
وحزبه.
وهؤلاء العباد
الصالحون المتعارفون في محبة الله لم تكن المحبة لتربط بين قلوبهم وتجعلهم نفسا
واحدة لو كان لكل واحد منهم كيانه الخاص.
ولهذا وصف الله
تعالى تجمعات وتوحدات غير المسلمين بهذا الوصف المطلع على ما تخبئه الضمائر:﴿ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ
تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا
يَعْقِلُونَ﴾ (الحشر:14)، لأن
كل واحد من أولئك المجتمعين يريد أن يبني صرح نفسه على أطلال الآخرين، فهم يجتمعون
بالمصلحة، ويتفرقون أو يتقاتلون إن دعت المصلحة إلى ذلك.
في نفس الوقت الذي
نرى فيه مشاهد الإيثار بين المؤمنين تشير إلى تلك الروح الواحدة التي تجمع بينهم، قال
تعالى:﴿ وَالَّذِينَ
تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ
إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ
عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ
فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ﴾(الحشر:9)
فهم يحبون ضيوفهم واللاجئين إليهم ويمدونهم بكل شيء يحرمون أنفسهم منه، ولا يجدون
في صدورهم إلا الرضا والراحة
[1]
رواه أحمد 3/159 (12652) وأبو داود 5127.. وغيرهما.