وفي أمر الملائكة
لهؤلاء بإخراج أنفسهم دليل على تعلق هؤلاء الشديد بذواتهم تعلقا يبتر صلتهم بكل
الكون، ويجعل منهم كونا حياديا غارقا في الحياد.
بينما تصف الآيات
القرآنية مشهد المؤمنين وهم في احتضارهم في حالة استرخاء قصوى تنم بالراحة
والطمأنينة والسعادة، قال تعالى يخاطب تلك النفس المؤمنة البعيدة عن كل أنا
ومتعلقاتها:﴿ يَاأَيَّتُهَا
النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّة ُارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً
فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي﴾(الفجر: 2ـ30)
وفي أمرها بالدخول
في عباد الله الصالحين دليل على ما كانت تحمله النفس من تواضع ولين وشعور
بالآخرين،وهي البشارة التي يبشر الله بها عباده الصالحين الذين لا يشعرون باكتمال
نعيمهم في الجنة إلا بإخوانهم،قال تعالى :﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ
لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصَّالِحِينَ﴾(العنكبوت:9)، ويصف حالهم في الجنة بكونهم ﴿إِخْوَانًا عَلَى
سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ﴾ (الحجر:47)
ويخبرنا أنس بن
مالك بحادثة كانت سببا لمسرة عظيمة انتشرت بين الصحابة، قال: جاء رجل إلى رسول
الله a فقال:يا رسول الله متى قيام الساعة؟، فقام النبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم إلى
الصلاة، فلما قضى صلاته قال: أين السائل عن قيام الساعة؟، فقال الرجل:أنا يا رسول
الله قال: ما أعددت لها؟ قال :يا رسول الله ما أعددت لها كبير صلاة ولا صوم إلا
أني أحب الله ورسوله، فقال رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم