آباهم، فهم
مشبعون بفكر أسلافهم لا يرضون عنه بديلا، قال تعالى :﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى
مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا
عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لا يَعْلَمُونَ شَيْئاً وَلا
يَهْتَدُونَ﴾ (المائدة:104)
بل إنهم يربطون
بين أمر الله وما وجدوا عليه آباهم، فلآبائهم من العصمة ما يتسحيل معه أن يخالفوا
أمر الله، أو لهم من القداسة ما يحيل على الله أن يأمر بخلاف ما كان عليه آباؤهم،
قال تعالى مخبرا عن المبررات التي يتذرعبها هؤلاء إذا ما نهوا عن الفواحش :﴿ وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا
وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لا
يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ﴾ (الأعراف:28)
ويخبرنا القرآن
الكريم عما تفعله القوميات في عصرنا هذا كما في العصور السالفة من تقديم الوطن
والقومية على الله، فيحفظ الصبيان من الأناشيد التي تزرع فيهم التعلق بالجذور ما
ينسيهم تعلقهم بربهم وذكرهم له، ويدرسون من التاريخ ما يملؤهم بالتيه في الوقت
الذي يتغافلون فيه عن النماذج الرائعة التي من الله بها على البشرية لتكون قدوة لها،
قال تعالى عن موقف لا يعرف فيه المؤمن الحقيقي غير ربه في الوقت الذي ينشغل فيه
القومي بسرد سيرة أسلافه:P فَإِذَا
قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ
أَشَدَّ ذِكْراً فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا
وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ) (البقرة:200)
ويذكر القرآن
الكريم استدلالهم المطلق بفعل آبائهم، وكأنهم الآلهة التي تشرع لهم وتبين لهم سنن
الكون ونواميسه وقوانيه، قال تعالى :P ثُمَّ بَدَّلْنَا مَكَانَ