قال الآجري:
أنتم ترون أن بعض الناس قد تأتيه النعمة من نعم الدنيا، وتحت تأثيرها وبريقها يظن
دوامها أو عدم التحول عنها، وينتهي به هذا الظن إلى التكبر أو الترفع أو التعالي
على عباد الله، كما قال صاحب الجنتين لصاحبه:﴿.. مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا
(35) وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي
لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا (36)﴾ (الكهف)، وكما قال الله عن الإنسان:﴿ وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً
مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي وَمَا أَظُنُّ
السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلَى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ
لَلْحُسْنَى.. (50)﴾ (فصلت)
قال آخر: وعينا
هذا.. فما غيره؟
قال الآجري:
السبق.. فبعض الناس يتيح الله له من الفرص ما يسبق به غيره.. وقد يجره النظر إلى
سبقه إلى ازدراء اللاحق والنظر إليه نظرة ازدراء واحتقار.
وقد لفت الله
تعالى النظر إلى هذا السبب حين بين أن السبق لا يعتبر، ولا قيمة له إلا إذا كان
معه الصدق، فقال:﴿ لِلْفُقَرَاءِ
الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ
يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ
أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (8) وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ
مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي
صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ
كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ
الْمُفْلِحُونَ (9) وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا
اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا
تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ
رَحِيمٌ (10)﴾ (الحشر)