وقد روي في
الحديث أنه a مر على رجل، فقال لأصحابه: ما تقولون في هذا الرجل؟
قالوا: نقول هو من أشرف الناس، هذا حري إن خطب أن يخطب، وإن شفع أن يشفع، وإن قال
أن يسمع لقوله، فسكت النبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم، ومرَّ رجل آخر، فقال
النبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم :ما تقولون في هذا؟ قالوا : نقول والله يا رسول
الله، هذا من فقراء المسلمين، هذا حري إن خطب لم ينكح، وإن شفع لا يشفع، وإن قال
لا يسمع لقوله، فقال النبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم: (لهذا خير من ملء
الأرض مثل هذا)[1]
قال آخر: وعينا
هذا.. فما غيره؟
قال الآجري: مقارنة
المتكبر ما رزقه الله من نعمة بما رزقه الآخرين مع نسيان المنعم، ذلك أن من الناس
من يحبوه الله - لحكمة يعلمها - بنعم يحرم منها الآخرين، كالصحة والولد والمال
والجاه والعلم وحسن الحديث.. وتحت تأثير هذه النعم ينسى المنعم، ويأخذ في الموازنة
بين نعمته ونعمة الآخرين فيراهم دونه فيها، وحينئذٍ يحتقرهم ويزدريهم ويضع من
شأنهم.. وهذا هو التكبر.
وقد لفت القرآن
الكريم النظر إلى هذا السبب من خلال حديثه عن قصة صاحب الجنتين فقال:﴿ وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا
رَجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا
بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا (32) كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ
أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا وَفَجَّرْنَا خِلَالَهُمَا