responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أسرار الأقدار نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 354

فالبداوة بما تبعثه من قسوة وغلظة لا تفهم من العلم إلا بما يتناسب مع طبيعتها، فلا تتصور اليد المقطوعة إلا يدا سارقة، كما قال الأعمش: جلس أعرابي إلى زيد بن صوحان وهو يحدث أصحابه، وكانت يده قد أصيبت يوم نهاوند، فقال الأعرابي:( واللّه إن حديثك ليعجبني، وإن يدك لتريبني)، فقال زيد:( ما يريبك من يدي إنها الشمال؟)، فقال الأعرابي:( واللّه ما أدري اليمين يقطعون أو الشمال!) فقال زيد:( صدق اللّه:﴿ الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْراً وَنِفَاقاً وَأَجْدَرُ أَلّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ ﴾

وهكذا سائر معاملات الله مع عباده بمختلف أصنافهم، قال تعالى عن الذين يعملون السوء بجهالة:﴿ إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً﴾ (النساء:17)، وقال عن المرجون لأمر الله:﴿ وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ_ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ (التوبة:106)

وهكذا الأمر في تدبير الله للأحداث والتواريخ، فهي تواريخ منظمة بحكمة الله لا مجال فيها للعشوائية أو الصدفة ﴿ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ (آل عمران:62)

***

وبناء على هذا، فإن الغرض من الخلق ـ حسبما ورد في النصوص ـ هو التعرف على الله، كما يشير إلى ذلك قوله تعالى:﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ (الذريات:56)، فقمة العبادة المعرفة، فالعبادة وسيلة المعرفة، وثمرتها.

ومثله قوله تعالى عن الكون:﴿ ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ﴾ (فصلت:11)، فليست الطاعة إلا عبادة، وليست العبادة إلا معرفة.

نام کتاب : أسرار الأقدار نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 354
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست