ومثل ذلك تقدير
الله تعالى بقطع يد السارق، كما قال تعالى:﴿ وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا
أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ
حَكِيمٌ﴾ (المائدة:38)، وقد اقترنت حكمته تعالى بعزته في هذه الآية لاقتضاء
المقام ذلك، كما روي أنه سمع بعض الأعراب قارئا يقرأها ﴿ وَالسَّارِقُ
وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِنَ
اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ (المائدة:38) بإبدال ( غفور رحيم) بدل
( عزيز حكيم) فقال: ليس هذا كلام الله، فقال: أتكذب بالقرآن فقال: لا ولكن لا يحسن
هذا فرجع القارئ إلى خطئه فقال عزيز حكيم فقال صدقت.
وعدم فقه هذه
الحكمة هو الذي جر بعض المعارضين لله أن يقول:
يد بخمس مئين عسجد وديت ما بالها قطعت في ربع دينار؟
تناقض مالنا إلا السكوت له وأن نعوذ بمولانا من النار
وقد رد عليه بعض الفقهاء بقوله مبينا بعض
أسرار الحكم الإلهية في هذا التشريع:
عز الأمانة أغلاها وأرخصها ذل الخيانة فافهم حكمة
الباري
***
ومثل تجلي حكمة
الله في الخلق والأمر تتجلى في أفضاله المختلفة على عباده، فإن أساسها حكمة الله
وعلمه وخبرته بعباده، كما قال تعالى:﴿ وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى
قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ﴾
(الأنعام:83)، وقال تعالى:﴿ يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ
يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا
أُولُو الْأَلْبَابِ﴾ (البقرة:269)
ومثل ذلك ما يقبضه
الله من علم عن عباده، فإنه لا يقبضه إلا عمن لا يستحقه أو لا يطيقه، كما قال تعالى عن الأعراب:﴿ الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْراً وَنِفَاقاً وَأَجْدَرُ
أَلّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ
حَكِيمٌ﴾ (التوبة:97)