وهذا يدل على قناعة
أهل النار باستحقاقهم لها على مقتضى العدل الإلهي، فعدل الله تعالى الذي يقيم
عليها أصناف الحجج، ويدع لهم فرص الدفاع عن أنفسهم بما شاءوا من الأساليب يضطرهم
في الأخير إلى التسليم، وهذا ما يدل عليه قوله تعالى: ﴿ وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ
مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا
يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا
حَاضِراً وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً﴾
(الكهف:49)
فهذه الآية الكريمة
تدل على ان الكفار يرون أعمالهم، وهي توزن، فيتعجبون من إحصاء الله لكل شيء مع
إقرارهم بما عملوه.
ومن عدالة الله في أهل
جهنم أن جعل لكل ذنب جزاءه الخاص وعقوبته التي تتناسب معه، فلا يعاقب العبد إلا
بما عمل، كما قال a في الحديث القدسي:( ياعبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم
إياها فمن وجد خيرا فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه) [1]
ولذلك جعل الله تعالى
جهنم دركات مختلفة بعضها فوق بعض، كما قال تعالى:﴿ وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ
مِمَّا عَمِلُوا وَلِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمَالَهُمْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ﴾
(الاحقاف:19)
ومن الأخطاء التي
تتداول بين العامة، وينشرها بعض الوعاظ، وتمتلئ بها بعض كتب الزهد والرقائق والتي
لا تتناسب مع العدالة ما يذكر من ترتيب أهل الطبقات بحسب أديانهم، فيجعلون فى
الدرك الأعلى المحمديون، وفى الثانى النصارى، وفى الثالث اليهود، وفى الرابع
الصابئون، وفى الخامس المجوس، وفى السادس مشركو العرب، وفى السابع المنافقون [2].
فهذا الترتيب يحصر أهل
جهنم في أصناف محدودة، بالإضافة إلى أنه يسوي أصحاب