وأخبر أن الدرجات
العليا من استحقاق من تحققوا بحقيقة الإيمان، فقال تعالى:﴿ أُولَئِكَ هُمُ
الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ
كَرِيمٌ﴾ (لأنفال:4)
وهذا القانون الذي
يتقاسم المؤمنون على أساسه نعيم الجنة ودرجاتها هو نفس القانون الذي يتقاسم به أهل
جهنم دركات النار، والذي عبر عنه قوله تعالى:﴿ وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا
عَمِلُوا وَلِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمَالَهُمْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ﴾
(الاحقاف:19)
فلا يتساوى أهل جهنم في
العذاب كما لا يتساوى المؤمنون في النعيم، بل لكل حسب عمله وجهده ووسعه، قال تعالى:﴿ انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلْآخِرَةُ
أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً﴾ (الاسراء:21)
هذا عن نعيم أهل
الجنة.. وعلاقة عملهم بها..
أما ارتباط الجزاء
المعد لأهل جهنم من الكفار والعصاة بالعمل، فتنص عليه الآيات القرآنية الكثيرة في
مواضع مختلفة:
منها أن يعرض ذلك على
صيغة الوعيد الإلهي الذي لا يتخلف، قال تعالى:﴿ أُولَئِكَ مَأْوَاهُمُ
النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾ (يونس:8)
أو أن يعرض على
صيغة التبكيت والسخرية، كقوله تعالى:﴿ فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلاً وَلْيَبْكُوا كَثِيراً
جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾ (التوبة:82)، أو قوله تعالى:﴿
فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾ (الحجر:84)، أو قوله تعالى:﴿ وقال تعالى:﴿
هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ﴾ (المطففين:36)
أو على صورة إجابة
أهل النار أنفسهم، كما في هذا المشهد القرآني، قال تعالى:﴿ مَا
سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ
الْمِسْكِينَ وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ
الدِّينِ حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ ﴾ (المدثر:42 ـ 47)