وفي حديث آخر قال
رسول الله a:( إن هذا الخير خزائن، ولتلك الخزائن مفاتيح، فطوبى
لعبد جعله الله مفتاحا للخير مغلاقا للشر، وويل لعبد جعله الله مفتاحا للشر مغلاقا
للخير)[1]
ففي هذا الأحاديث
يخبر رسول الله a عن هذا النوع من الموازين، ذلك أن أثر العمل الصالح
لا يقل عن العمل نفسه، وأثر الجريمة لا يقل عن الجريمة نفسها.
وهذا من العدل الذي
لا يمكن لبشر أن يطبقه.
فالجريمة عندنا
جريمة ترتبط بحادثة معينة تبدأ بها، وتنتهي عندها، فالقاتل يتهم بجريمة واحدة هي
قتل ضحيته فقط.. بينما آثار تلك الجريمة قد تكون أخطر بكثير من تلك الجريمة
الوحيدة.
وعن هذا عبر قوله a:( ليس من نفس تقتل ظلما إلا كان على ابن آدم الأول كفل من
دمها لأنه كان أول من سن القتل)[2]
بل إنه ـ يوم
القيامة ـ يأتي بعض الناس ممن لم يقتل حشرة، فيحشر في خانة كبار المجرمين.. لا
لأنه قتل، ولكن لأنه كتب رواية ملأها بالدماء المسفوكة، أو أخرج فيلما ضمنه ما
تختزن نفسه الشريرة من جرائم..
وهكذا بالنسبة
للعامل الصالح.. فقد يعمل الرجل العمل الواحد، ويكون له جزاؤه لكن الله الشكور
الكريم يشكر عبده، فيجازيه بالآثار الإيجابية لذلك العمل.
وهذا ما يشير إليه
قوله تعالى معبرا عن أدعية الصالحين الممثلة لأمانيهم:﴿ وَالَّذِينَ
يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ
أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً﴾ (الفرقان:74)