وقال منكرا على من
غرته الأماني:﴿ أَمْ لِلْإِنْسَانِ مَا تَمَنَّى﴾ (لنجم:24)أي ليس
كل من تمنى خيراً حصل له، وقد عقبت هذه الآية بقوله تعالى:﴿ فَلِلَّهِ
الْآخِرَةُ وَالْأُولَى﴾ (لنجم:25)، وكأنها تشير إلى أن عجز الأماني
وقصورها عن تحقيق مطالب الإنسان في الدنيا هو نفسه عجزها وقصورها عن تحقيق مطالبه
في الآخرة.
ومنها الفهم الخاطئ
لحقيقة الشفاعة، حيث حولتها الأماني القاصرة إلى وساطة كوساطات الدنيا تعمق الجور،
وتولد الظلم، فلذلك عقبت الآيات السابقة من سورة النجم بقوله تعالى:﴿ وَكَمْ
مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً إِلَّا مِنْ
بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى﴾ (لنجم:26)
والشفاعة في
حقيقتها ـ والتي تدل عليها النصوص ـ هي جزاء كسائر أنواع الجزاء التي ينالها الخلق
في الآخرة لأعمال عملوها أو صفات اتصفوا بها، وليست كما يتوهم من أنها وساطة ينجو
على أساسها قوم في الوقت الذي يحرم منها غيرهم مع تساوي الاستحقاق، لأن ذلك لا
يتناسب مع العدل المطلق الذي بنيت عليه قوانين الآخرة ـ كما سنرى ـ
ولذلك أخبر a أنه لا ينتفع من لا يستحق من أمته من هذه الشفاعة، فقال a في موعظة جمع لها الصحابة :( أيها الناس إنكم محشورون إلى
اللّه عزَّ وجلَّ حفاة عراة غرلا ﴿ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ
نُعِيدُهُ ﴾ (الانبياء: 104)، وإن أول الخلائق يكسى يوم القيامة إبراهيم،
ألا وإنه يجاء برجال من أمتي فيؤخذ بهم ذات الشمال فأقول: أصحابي، فيقال: إنك لا
تدري ما أحدثوا بعدك فأقول كما قال العبد الصالح:﴿ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ
شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ
عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (117) إِنْ