الصادقون، كما قال
a:( الكيس
من دان نفسه وعمل لما بعد الموت. والفاجر من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله) [1]
والمراد بالهوى هنا
هو كل ما يتصوره الإنسان فكرا سليما أو ذوقا رفيعا أو كشفا صادقا يحول بينه وبين
ممارسة العمل الذي كلف به الخلق جميعا، أو يجعل له من المزية ما ليس لغيره مما
يتناقض مع نظام العدل الذي بني على أساسه الكون.
ولهذا ما ذكر الهوى
في القرآن الكريم إلا مذموما، وقد قال ابن عباس :( ما ذكر الله هوى في القرآن إلا
ذمه، قال الله تعالى:﴿ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ﴾ (لأعراف:
176)، وقال تعالى:﴿ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً﴾ (الكهف:
28)، وقال تعالى:﴿ بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْوَاءَهُمْ
بِغَيْرِ عِلْمٍ فَمَنْ يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللَّه﴾ (الروم: 29)،
وقال تعالى:﴿ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ
هُدىً مِنَ اللَّهِ﴾ (القصص: 50)، وقال تعالى:﴿ وَلا
تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ﴾ (صّ: 26)) [2]
ولهذا نفى القرآن
الكريم كل ما يتوهمه الإنسان من الأهواء والعلل التي يتصور أنها قد تلغي عدالة
الله:
ومنها تصوره ارتباط
مصيره بمجرد أمانيه وأحلامه وأوهامه، وكأن أوهامه هي التي تملي على الله ما يطلبه،
أوكأنه يريد أن يساوي لذات أمانيه بعرق ودماء وجهد العاملين المخلصين، قال تعالى
نافيا هذا الوهم:﴿ لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ
الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ وَلا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ
وَلِيّاً وَلا نَصِيراً وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ
أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ
نَقِيراً﴾ (النساء:123 ـ 124)