وقد وردت النصوص
الكثيرة الشارحة للمراد بهذا الميثاق الذي تحمله الفطر الأصلية، ومنها قوله a:( إن اللّه أخذ الميثاق من ظهر آدم u بنعمان يوم عرفة، فأخرج من صلبه كل ذرية ذرأها فنثرها بين يديه ثم
كلمهم قبلاً قال:﴿ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ﴾، قالوا: ﴿ بَلَى
شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا
غَافِلِينَ أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا
ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ ﴾
)[1]
وهذا النص يدل على أن تتمة الميثاق ـ تشتمل
زيادة على حقائق التوحيد ـ تنبيههم إلى العقبات التي تعترض سبيل الفطرة الأصلية.
فهاتان الآيتان
الكريمتان والنصوص المفسرة لها تشير إلى الحقائق الأساسية المودعة في الفطرة
الأصلية، والتي هي التربة الطيبة التي ينبت من طيبتها كل الثمار الطيبة.
فالله تعالى أودع ـ كما
نتص هاتان الآيتان الكريمتان ـ معرفته في فطرة الإنسان، فلذلك كانت معرفة الله
معرفة عقلية، فيمكن أن يعرف الإنسان المجرد من الأهواء والآثار الخارجية الله
تعالى ويستدل على توحيده، بل على الكثير من صفات كماله من دون حاجة إلى الوحي في
كل ذلك فالوحي السابق يغني عن الوحي اللاحق في هذا المجال.
ولذلك أخبر القرآن
الكريم عن أن الفطرة الأصلية للمشركين تنطوي عل حقائق الإيمان التي لم يطمع
الشيطان في إزالتها، فاكتفى بتحريفها، كما قال تعالى
مخبرا عن المعارف الإيمانية للمشركين:﴿ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ
وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّه﴾ (العنكبوت: 61)،
وقال تعالى:﴿ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ
لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا
يَعْلَمُونَ﴾ (لقمان:25)
[1] رواه أحمد والنسائي وابن أبي حاتم والحاكم في
المستدرك.