ولو كان الهواء
أرفع كثيرا مما هو عليه، فإن بعض الشهب التي تحترق الآن بالملايين في الهواء
الخارجي كانت تضرب جميع أجزاء الكرة الأرضية، وهي تسير بسرعة تترواح بين ستة أميال
وأربعين ميلا في الثانية، وكان في إمكانها أن تشعل كل شيء قابل للاحتراق، ولو كانت
تسير ببطء رصاصة البندقية لارتطمت كلها بالأرض، ولكانت العاقبة مروعة، أما الإنسان
فإن اصطدامه بشهاب ضئيل يسير بسرعة تفوق سرعة الرصاصة تسعين مرة كان يمزقه إربا من
مجرد حرارة مروره.
وينص على أن الهواء
سميك بالقدر اللازم بالضبط لمرور الأشعة ذات التأثير الكيميائي التي يحتاج إليها
الزرع، والتي تقتل الجراثيم وتنتج الفيتامينات، دون أن تضر بالإنسان، إلا إذا عرض
نفسه لها مدة أطول من اللازم.
وينص على أن
الأوكسجين لو كان بنسبة 50 في المائة مثلا أو أكثر في الهواء بدلا من 21 في المائة
فإن جميع المواد القابلة للاحتراق في العالم تصبح عرضة للاشتعال، لدرجة أن أول
شرارة من البرق تصيب شجرة لا بد أن تلهب الغابة حتى لتكاد تنفجر.
ولو أن نسبة
الأوكسجين في الهواء قد هبطت إلى 10 في المائة أو أقل، فإن الحياة ربما طابقت
نفسها عليها في خلال الدهور، ولكن في هذه الحالة كان القليل من عناصر المدنية التي
ألفها الإنسان - كالنار مثلا - تتوافر له.
وكمثال على التوازن
الذي ضبط الله به الحياة على الأرض، والذي نص عليه قوله تعالى:﴿
وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا
مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ﴾ (الحجر:19) ما حصل قبل سنوات عديدة في
استراليا حيث زرع نوع من الصبار كسياج وقائي، ولكن هذا الزرع مضى في سبيله حتى غطى
مساحة تقرب من مساحة انجلترا، وزاحم أهل المدن والقرى، وأتلف مزارعهم، وحال دون
الزراعة.