الْمُقْسِطِينَ﴾ (الحجرات: 9)، وقد ورد في النصوص الكثيرة الإخبار
بمحبة الله من اتصف بصفاته.
وقد جمع الله تعالى بين
أمره بالعدل وإخباره عن اتصافه به في قوله تعالى:﴿ وَضَرَبَ اللَّهُ
مَثَلاً رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ
عَلَى مَوْلاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ لا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ
وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ (النحل:76)
فهذا مثل ضربه الله
تعالى لنفسه وللأصنام المعبودة من دون الله، فالأبكم الذي لا يقدر على شيء هو
الوثن، والذي يأمر بالعدل ويتصف به هو الله تعالى.
زيادة على هذا فإن من
أسماء الله تعالى التي تتطلب وجود مقتضياتها اسم (العدل) وقد قرن في الحديث الجامع
للأسماء الحسنى باسم (الحكم)، وهو جمع بين التوحيد والعدل، فالحكم يقتضي الوحدانية
المطلقة.
وللغزالي في تحقيق
معنى اسم العدل، وانطباقه على الله وحده، كلام طيب ننقله هنا مع بعض التصرف، قال:(
العدل هو الذي يصدر منه فعل العدل المضاد للجور والظلم، ولن يعرف العادل من لم
يعرف عدله، ولا يعرف عدله من لم يعرف فعله، فمن أراد أن يفهم هذا الوصف فينبغي أن
يحيط علما بأفعال الله تعالى من ملكوت السموات إلى منتهى الثرى حتى إذا لم ير في
خلق الرحمن من تفاوت، ثم رجع البصر فما رأى من فطور، ثم رجع مرة أخرى فانقلب إليه
البصر خاسئا وهو حسير، وقد بهره جمال الحضرة الربوبية وحيره اعتدالها وانتظامها،
فعند ذلك يعبق بفهمه شيء من معاني عدله تعالى وتقدس)[1]