إلى حين موته، والأجل
الثاني ـ يعني المسمى عنده ـ من حين وفاته إلى يوم يلقاه في البرزخ لا يعلمه إلا الله؛
فإذا اتقى العبد ربه ووصل رحمه زاده الله في أجل عمره الأول من أجل البرزخ ما شاء،
وإذا عصى وقطع رحمه نقصه الله من أجل عمره في الدنيا ما شاء، فيزيده في البرزخ)،
فهذه الزيادة في نفس العمر وذات الأجل كما هو ظاهر اللفظ، في اختيار حبر الأمة.
وإنما اعتمدنا في هذا
القول على ما ورد في النص، فمن الخطأ تحكيم بعض النصوص، وإلغاء بعضها، بل يحكم كل
نص على محله.
قال ابن حزم في الدفاع
عن مراد الحديث:( وأما قول رسول الله a:( من سره أن ينسأ في
أجله فليصل رحمه) فصحيح موافق للقرآن ولما توجبه المشاهدة، وإنما معناه أن الله تعالى
لم يزل يعلم أن زيدا سيصل رحمه، وأن ذلك سبب إلى أن يبلغ من العمر كذا وكذا وكذا
كل حي في الدنيا، لأن من علم الله تعالى أن سيعمره كذا وكذا من الدهر، فإنه تعالى
قد علم وقدر أنه سيتغذى بالطعام والشراب ويتنفس بالهواء ويسلم من الآفات القاتلة
تلك المدة التي لا بد من استيفائها والمسبب والسبب كل ذلك قد سبق في علم الله عز
وجل كما هو)
وما قاله ابن حزم صحيح،
ولكنه ليس نافيا للاعتراض، بل إنه تشدد على من قال بأن هناك أجلين، كما ذكرنا،
فقال ردا على الاستدلال بالآية:( وهذه الآية حجة عليهم لأنه تعالى نص على أنه قضى
أجلا، ولم يقل لشيء دون شيء.. فهذا الأجل المسمى عنده هو الذي قضى بلا شك، إذ لو
كان غيره لكان أحدهما ليس أجلا إذا أمكن التقصير عنه أو مجاوزته، ولكان الباري
تعالى مبطلا إذ سماه أجلا، وهذا كفر لا يقوله مسلم، وأجل الشيء هو ميعاده الذي لا
يتعداه وإلا فليس يسمى أجلا البتة، ولم يقل تعالى أن الأجل المسمى عنده هو غير
الأجل الذي قضى، فأجل كل شيء منقض أمره بالضرورة)[1]