العيوب سبب في حياة
قلبك، وحياة قلبك سبب في الحياة الدائمة والنعيم المقيم، والاطلاع على الغيوب إنما
هو فضول وقد يكون سبباً في هلاك النفس كاتصافها بالكبر ورؤية المزية على الناس)[1]
* * *
بعد هذا البيان لهذه
الخاصية المهمة من خصائص كتاب المقادير الأبدية نتساءل عن أثر هذه المعارف الجليلة
في النفس:
أما الغافل، فينحجب بما
ستر عنه من الغيب عن الاستعداد له، كما قال ابن عطاء الله في الحكمة السابقة:(
تشوفك إلى ما بطن فيك من العيوب خير من تشوفك إلى ما حجب عنك من الغيوب)
ولهذا وصف الله تعالى المؤمنين بالإشفاق من الآخرة، فقال تعالى:﴿ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَهُمْ مِنَ السَّاعَةِ
مُشْفِقُونَ﴾ (الانبياء:49)
بينما يستعجل بها
الجاهلون بها، قال تعالى
مقارنا بين النظرتين:﴿
يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِهَا وَالَّذِينَ آمَنُوا
مُشْفِقُونَ مِنْهَا وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ أَلا إِنَّ الَّذِينَ
يُمَارُونَ فِي السَّاعَةِ لَفِي ضَلالٍ بَعِيدٍ﴾ (الشورى:18)
ولهذا كثر إلحاح
المشركين على معرفة موعد الساعة، قال تعالى:﴿ يَسْأَلونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا
عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي
السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً يَسْأَلونَكَ كَأَنَّكَ
حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ
النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ﴾ (لأعراف:187)،
وقال تعالى:﴿ يَسْأَلونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا﴾ (النازعـات:42)