وإما أن ينظر إلى مدى استعدادها للإصلاح، فإن أطاق إصلاحها
أصلحها، لأنها ستختصر له الكثير من مشاق الطريق، فإن أبت الإصلاح تركها، واعتمد
على وسائل أخرى يصل بها إلى تحقيق مهمته.
قال: وهكذا حال المنشغل عن بلائه والمنشغل به، فالمنشغل به
ضيع مصلحتين: سيارته التي قد لا يفيده إصلاحها، ومهمته التي لا تساوي معها سيارته
شيئا.
أما المنشغل عنها، فإنه وإن ضيع سيارته، فقد حفظ مهمته، بل
قد يرزق بالسعي ما يعوضه عما فاته.
قلت: ولعل هناك ثمارا أخرى جليلة لما ذكروه، فالأطباء ـ
اليوم، كما كانوا قبل اليوم ـ ينصحون بالانشغال عن الداء، ويعتبرونه أسلوبا حكيما
من أساليب الشفاء.
فخطر أكثر الأمراض هو ما تسببه لصاحبها من أنواع الإزعاج،
وهو ما يؤثر بعد ذلك على الصحة، فإذا ما انشغل المريض عن مرضه بأي شاغل كان ذلك
علاجه أو مقدمة لعلاجه.
قال: لقد ذكرتني ببعض الصالحين كان له أخ، وكان يقربه
ويقبل عليه، فاعتل، فعاده، فقال: