في الآية السابقة لهذه الآية:﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ
يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي
قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ﴾ (البقرة:204)
قلت: بلى .. وهكذا كان الأخنس.
قال: وهكذا هو حال كل أخنس يفسد
ويزعم أنه يصلح .. يضر ويزعم أنه مفسد .. يسلبك ما في جيبك، ثم يطلب منك أن تدفع
له ثمن تعبه في مد يده إلى جيبه.
قلت: لقد ذكرتني بما روي في بعض
الكتب:(إن عباداً ألسنتهم أحلى من العسل، وقلوبهم أمر من الصبر، لبسوا للناس مسوك
الضأن من اللين، يجترون الدنيا بالدين، قال اللّه تعالى: عليّ تجترئون وبي تغترون؟
وعزتي لأبعثن عليهم فتنة تترك الحليم منهم حيران)
قال: لقد ذكر القرآن الكريم الكثير
من المفسدين الذين يزعمون أنهم مصلحون، فقال:﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لا
تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ﴾ (البقرة:11)
قلت: وقد صدق التاريخ ما قال الحق
تعالى، فليس هناك مفسد إلا وهو يزعم الإصلاح، فأكبر الجرائم الإنسانية تغطى، بل
تمجد، بل يعطى أصحابها الشهادات التقديريه لكونهم من المصلحين.
قال: ذلك في حسابكم، أما في حساب
الحق، فإن المفسد هالك من أول خطوة يبدأ بها فساده، ألم تسمع قوله تعالى:﴿ ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي
الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ
الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ (الروم:41)