وقد
ضرب الله تعالى للمؤمنين بذلك المثل الذي حصل في غزوة أحد، عندما خالف الرماة
أوامر رسول الله a، وتسببهم في الهزيمة التي كادت تودي بالإسلام
والمسلمين، كما قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ
تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ
وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ
الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ
لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى
الْمُؤْمِنِينَ﴾ [آل عمران: 152]
وقد
ورد في الحديث عن بعض أصحاب رسول الله aأنه قال: جعل النّبيّ a على الرّجّالة يوم أحد وكانوا خمسين رجلا، عبد الله بن جبير فقال: (إن
رأيتمونا تخطفنا الطّير فلا تبرحوا مكانكم هذا حتّى أرسل إليكم، وإن رأيتمونا
هزمنا القوم وأوطأناهم فلا تبرحوا حتّى أرسل إليكم)، فهزموهم، فقال أصحاب ابن
جبير: الغنيمة أي قوم! الغنيمة؛ ظهر أصحابكم فما تنتظرون؟ فقال عبد الله بن جبير:
أنسيتم ما قال لكم رسول الله a؟ قالوا: والله لنأتينّ النّاس فلنصيبنّ من الغنيمة فلمّا أتوهم صرفت
وجوههم، فأقبلوا منهزمين، فذاك إذ يدعوهم الرّسول فى أخراهم، فلم يبق مع النّبيّ a غير اثني عشر رجلا،
فأصابوا منّا سبعين([930]).
هذا
الحديث ليس خاصا بغزوة أحد ـ أيها المريد الصادق ـ بل هو درس وعبرة وإخبار بكل ما
وقع في التاريخ والواقع الإسلامي من مآس.. فرسول الله a وورثته الصادقون بريئون منها،
لأن الذي تسبب فيها هم أولئك الذين لم يعطوا النبوة حقها، فراحوا يقدمون آراءهم
واجتهاداتهم وظنونهم وأهوائهم على ما ورد في كتاب ربهم وسنة