نام کتاب : مثالب النفس الأمارة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 38
وهكذا يدخل في المغترين أولئك
الذين اهتموا بالشعائر التعبدية دون ملاحظة مقاصدها؛ فحولوها من شعائر للتقرب إلى
الله، وتزكية النفس إلى طقوس ظاهرية لا أثر لها في حياتهم إلا ذلك الكبر الذي يملأ
نفوسهم.. فحولوا عبادة الله إلى وسيلة لعبادة أنفسهم.
وهؤلاء كثيرون جدا.. فمنهم من
(أهملوا الفرائض، واشتغلوا بالفضائل والنوافل، وربّما تعمّقوا في الفضائل حتّى
خرجوا إلى العدوان والسرف كالّذي تغلب عليه الوسوسة في الوضوء فيبالغ فيه ولا
يرتضي الماء المحكوم بطهارته في فتوى الشرع ويقدّر الاحتمالات البعيدة قريبة في
النجاسة) ([21])
لكنه عند الورع عن أكل الحرام
تجده ـ بعكس ذلك ـ (يقدّر الاحتمالات القريبة بعيدة، وربما أكل الحرام المحض)، مع
أن النصوص المقدسة تتشدد في المال الحرام، وتيسر وترفع الحرج في الأمور المرتبطة
بالطهارة والشعائر التعبدية.ومنهم من راح يجعل كل اهتمامه عند قراءة القرآن الكريم
على إخراج حروفه من مخارجها؛ (فلا يزال يحتاط في التشديدات والفرق بين الضاد
والظاء.. لا يهمّه غيره، ولا يتفكّر فيما سواه ذاهلا عن معنى القرآن والاتّعاظ به
وصرف الهمّ إلى فهم أسراره، وهذا من أقبح أنواع الغرور، فإنه لم يكلّف الخلق في
تلاوة القرآن من تحقيق مخارج الحروف إلّا بما جرت به عادتهم في الكلام) ([22])إن مثل هؤلاء ـ أيها المريد
الصادق ـ مثل (من حمل رسالة إلى مجلس سلطان، فأمر أن يؤدّيها على وجهها؛ فأخذ
يؤدّي الرّسالة ويتأنق في مخارج الحروف ويكررها ويعيدها مرّة بعد أخرى، وهو في ذلك
غافل عن مقصود الرّسالة ومراعاة حرمة المجلس، فما أحراه بأن