responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مثالب النفس الأمارة نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 37

العلم، فقال:(كل علم وباله على صاحبه إلا من عمل به)([17]) وفي رواية:(أشد الناس عذابا يوم القيامة عالم لم ينفعه الله بعلمه) ولهذا كان رسول الله a يقول في دعائه:(اللهم إني أعوذ بك من نفس لا تشبع ومن علم لا ينفع)([18]) ولهذا، فإن كل من لم يلتفت لهذه النصوص المقدسة، وراح يزهو بما عنده من العلم مغتر، فأول علامات العالم تواضعه وعبوديته لله، وشده حذره من التكاليف المناطة به، وأولها أن يطبق ما تعلمه من علم، حتى يعطي النموذج الصالح عن علمه.لقد ضرب بعض الحكماء مثلا لذلك الذي يغتر بالعلم المفصول عن العمل، بمريض به علّة لا يزيلها إلّا دواء مركب من أخلاط كثيرة لا يعرفها إلّا حذّاق الأطباء.. وبعد أن بذل كل جهده في طلب الطبيب.. وهاجر عن وطنه حتّى عثر عليه، (فعلّمه الدّواء وفصّل له الأخلاط وأنواعها ومقاديرها ومعادنها الّتي منها تجتلب وعلّمه كيفيّة دقّ كلّ واحد منها وكيفيّة الخلط والعجن، فتعلّم ذلك منه فكتب منه نسخة حسنة بخطّ حسن ورجع ‌إلى بيته وهو يكرّرها ويقرؤها ويعلّمها المرضى ولم يشتغل بشربها واستعمالها، أ فترى أن ذلك يغني عنه من مرضه شيئا؟)([19])هيهات هيهات.. وأنى له ذلك.. بل إنه (لو كتب منه ألف نسخة، وعلّمه ألف مريض حتّى شفى جميعهم وكرّره كلّ ليلة ألف مرّة لم يغنه ذلك من مرضه شيئا إلّا أن يزن الذّهب، ويشتري الدّواء، ويخلطه كما تعلّم ويشربه ويصبر على مرارته، ويكون شربه في وقته وبعد تقديم الاحتماء وجميع شروطه، وإذا فعل جميع ذلك فهو على خطر من شفائه فكيف إذا لم يشربه أصلا، فمهما ظن أن ذلك يكفيه ويشفيه فقد ظهر غروره) ([20])

ولهذا، فإن الله تعالى قال عن النفس: ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا﴾ [الشمس: 9]، ولم يقل: (قد أفلح من تعلّم كيفية تزكيتها، وكتب علمها وعلّمها الناس).. وهكذا قال: ﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى (14) وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى﴾ [الأعلى: 14، 15]، فربط الزكاة بالعمل، فلا تزكية من دون علم وعمل.


[17] رواه الطبراني.

[18] رواه مسلم وغيره.

[19] المحجة البيضاء في تهذيب الإحياء، ج‌6، ص: 310.

[20] المرجع السابق، ج‌6، ص: 311.

نام کتاب : مثالب النفس الأمارة نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 37
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست