ومن المكذبين لكعب
الأحبار عبد الله بن عباس، فقد قال ابن عباس لرجل مقبل من الشام: من لقيت؟ قال:
كعبا. قال: وما سمعته يقول؟ قال: سمعته يقول: إن السماوات على منكب ملك. فقال: كذب
كعب، أما ترك يهوديته بعد! ثم قرأ: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ
وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا﴾ [فاطر: 41])[2]
وحتى معاوية ـ
الذي يسبح السلفية بحمده صباح مساء ـ كذب كعبا، فقد عقد البخاري في صحيحه بابا تحت
عنوان (باب قول النبي a لا تسألوا أهل الكتاب
عن شيء)، ورى فيه عن حميد بن عبد الرحمن أنه سمع معاوية يحدث رهطا من قريش
بالمدينة، وذكر كعب الأحبار فقال: (إن كان من أصدق هؤلاء المحدثين الذين يحدثون عن
أهل الكتاب، وإن كنا مع ذلك لنبلوا عليه بالكذب) [3]
وهكذا كذبه عمرو
بن العاص، فقد روي أنه مر على كعب الأحبار، فعثرت به دابته، فقال: (يا كعب أتجد في
التوراة أن دابتي تعثر بي؟)[4]
وقد أشار الشيخ محمد
رشيد رضا ـ وهو مرضي عنه من لدن الكثير من السلفيين ـ إلى الخطورة التي يشكلها كعب
الأحبار، فقال: (إن ثبوت العلم الكثير لا يقتضي نفي الكذب. وكان جل علمه عندهم ما
يرويه عن التوراة ليقبل وغيرها من كتب قومه وينسبه إليها ليقبل ولا شك أنه كان من
أذكى علماء اليهود قبل إسلامه وأقدرهم على غش المسلمين بروايته بعده) [5]