بل إن الأمر وصل إلى حد تهكم المصريين وسخريتهم من
القرى التي تخلو من الأضرحة، ويعتبرونها خالية من البركة؛ فقد ذكر الدكتور زكريا
سليمان بيومي أن القرى التي تخلو من أضرحة الأولياء من أمثال (بِيّ العرب) و(أبو
سنيطة) و(ميت عفيف) والتي تنمتي إلى مركز الباجور منوفية، كانت مثار سخرية من
القرى المجاورة، حيث أطلقوا عنها (أمثلة شعبية تدل على بخل هذه القرى وخلوها من
البركة، وهي ما زالت سارية بين الناس حتى الآن)[2]
وهكذا الأمر في بلاد الشام، حيث أحصى عبد الرحمن بك
سامي سنة (1890م) في دمشق وحدها 194ضريحاً ومزاراً، بينما عد نعمان قسطالي المشهور
منها 44 ضريحاً، وذكر أنه منسوب للصحابة أكثر من سبعة وعشرين قبراً، لكل واحد منها
قبة ويزار ويتبرك به.
وفي الآستانة عاصمة السلطنة العثمانية كان يوجد 481
جامعاً يكاد لا يخلو جامع فيها من ضريح، أشهرها الجامع الذي بني على القبر المنسوب
إلى أبي أيوب الأنصاري في الآستانة (القسطنطينية).
وفي الهند يوجد أكثر من مئة وخمسين ضريحاً مشهوراً
يؤمها الآلاف من الناس.
وفي بغداد كان يوجد أكثر من مئة وخمسين جامعاً في
أوائل القرن الرابع عشر الهجري، وقلّ أن يخلو جامع منها من ضريح، وفي الموصل يوجد
أكثر من ستة وسبعين ضريحاً مشهوراً
[1]
موالد مصر المحروسة: بين الماضي والحاضر، عرفة عبده علي، عين للدراسات والبحوث
الإنسانية والاجتماعية، القاهرة، 1995، ص7.
[2]
انظر: الطرق الصوفية بين الساسة والسياسة في مصر المعاصرة ـ دراسة تاريخية توثيقية
1903 – 1983 م ـ د. زكريا سليمان بيومي، دار الصحوة للنشر والتوزيع، 1992،
ص126.
نام کتاب : المزارات الدينية بين الرؤية الإيمانية والرؤية التكفيرية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 226