وقد نص كبار أعلام المالكية على أن القصة صحيحة[2]،
وأن الإمام مالك يري الخير في استقبال النبي a في الدعاء والاستشفاع به، كما أن القصة تشير إلى حديث توسل
سيدنا آدم عليه السلام.
ويدل لهذا أيضا ما ذكرناه في الفصل الأول من ذلك
التعظيم الذي كان يبديه الإمام مالك للمدينة المنورة، تعظيما (للجناب النبوي، وهو
الذي كان لا يمشي في المدينة المنورة متنعلاً ولا راكباً، ولا يقضي فيها حاجته
احتراماً وتعظيماً وتكريماً لتراب المدينة الذي مشى عليه رسول الله a، وها هو يخاطب أمير المؤمنين المهدي لما جاء إلى المدينة في هذا
الموضوع ويقول له: إنك تدخل الآن المدينة فتمر بقوم عن يمينك ويسارك وهم أولاد
المهاجرين والأنصار فسلم عليهم فإنه ما على وجه الأرض قوم خير من أهل المدينة، ولا
خير من المدينة. فقال له: ومن أين قلت ذلك يا أبا عبد الله؟ قال: لأنه لا يعرف قبر
نبي اليوم على وجه الأرض غير قبر محمد a، ومن قبر محمد
عندهم فينبغي أن يعلم فضلهم)[3]
وهم يروون من شدة تعظيمه للمدينة أنه كره أن يقال: (زرنا
قبر النبي a، وكأنه أراد
[2]
أخرج هذه القصة رواها أبو الحسن على بن فهر في كتابه فضائل مالك رواها القاضي عياض
في الشفا (2:41) بسنده الصحيح عن شيوخ عده من ثقات مشايخه وقال الخفاجي في شرحه
(3:398) (ولله دره حيث أوردها بسند صحيح وذكر أنه تلقاها عن عدة من ثقات مشايخه)
وذكرها القسطلاني في المواهب (4:580) وقال الزرقاني شارح المواهب في شرحه (8:304)
بعد ذكر من أنكرها فقال وهذا تهور عجيب فإن الحكاية رواها أبو الحسن على بن فهر في
كتابه فضائل مالك بإسناد حسن، وأخرجها القاضي عياض في الشفاء من طريقه عن عده من
ثقات مشائخه، فمن أين أنها كذب؟ وليس في لسنادها وضاع ولا كذاب ونقلها السمهودي في
وفاء الوفا ج 2 ص 422 عن القاضي عياض وقال ابن حجر في الجوهر المنظم قد روي هذا
بسند صحيح المدخل 1 / 248، 252 والفواكه الدواني 2 / 466 وشرح أبي الحسن على رسالة
القيرواني 2 / 478 نقلها الامام السبكي في شفاء السقام، ص154. والقوانين الفقهية
148..
[3]
مفاهيم يجب أن تصحح، ص 206، والرواية نقلها عن المدارك للقاضي عياض.
نام کتاب : المزارات الدينية بين الرؤية الإيمانية والرؤية التكفيرية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 150