وفي إنجيل يوحنا(12: 49) يقول :( لم أتكلم من نفسي،
لكن الأب الذي أرسلني، هو أعطاني وصية ماذا أقول، وبماذا أتكلم )، فهذا النص واضح
في أن المسيح عندما كان يدعو تلاميذه، ويعلمهم لم يكن يدعوهم إلا على أنه رسول من
الله، وأنه كان يدعوهم إلى توحيد الله، وعبادته.
ولم يرد هذا في الأناجيل فقط، بل نجد هذا في سائر
الأسفار، ففي أعمال الرسل (3: 22) حمل بطرس قول موسى u
الوارد في العهد القديم:( إن نبياً مثلي سيقيم لكم الرب إلهكم) على المسيح [1] مع أنه صرح بأن الله سيقيم لهم نبياً، ولم يقل
سينزل لهم الرب.
قلت: حتى لو اعتبرناه نبيا.. فإن ذلك لا يتنافى مع
ما ندعيه له.. فكما أن كونه إنسانا لم يحجبه أن يكون ابنا لله.. فكونه نبيا أولى
أن لا يحجب.
قلت هذا لمجرد استفزازه، فإن ما ذكرته لا يقوم على
أي أساس عقلي صحيح.
قال: لا بأس.. مع أن كلامك هذا يتنافى مع المنطق
السليم إلا أني سأذكر لك من النصوص ما يبين عبودية المسيح.. وأن علاقته بالله لم
تكن إلا علاقة العبودية.
ألم تقرأ ما ورد من قيامه بالصلاة وعبادته لله طوال
الليل كله، لقد قال لوقا في إنجيله (6: 12 ):( وفي تلك الأيام خرج إلى الجبل
ليصلي، وقضى الليل كله في الصلاة لله )؟
ويحدثنا متى (14: 15) عن معجزة إشباع الآلاف من
الجياع بخمسة أرغفة وسمكتين فيقول :( وَأَمَرَ الْجُمُوعَ أَنْ يَجْلِسُوا عَلَى
الْعُشْبِ. ثُمَّ أَخَذَ الأَرْغِفَةَ الْخَمْسَةَ وَالسَّمَكَتَيْنِ، وَرَفَعَ
نَظَرَهُ إِلَى السَّمَاءِ، وَبَارَكَ وَكَسَّرَ الأَرْغِفَةَ، وَأَعْطَاهَا
لِلتَّلاَمِيذِ، فَوَزَّعُوهَا عَلَى الْجُمُوعِ.فَأَكَلَ الْجَمِيعُ وَشَبِعُوا)،
وهذا التصرف دليل على العبودية.. فما كان لينظر إلى السماء إلا لأجل انتظاره مددا
منها.
[1] ذكرنا
الأدلة الكثيرة على أن هذه البشارة خاصة به a.