أحدهما، بل إن الله كتب الجميع.. فمن شاء أن يسعد
عمل عمل السعداء، ومن شاء أن يشقى عمل عمل الأشقياء.
قلت: ولكن بعضهم قد يتعلل بكونه كتب من الأشقياء
ليسير سيرهم.
قال: ذلك هو المحجوب.. فكيف عرف أنه كتب من
الأشقياء مع أن الله قد أتاح له كل فرص السعادة.. بل أعطاه المدة الفسيحة ليراجع
نفسه.
قلت: أجل.. وقد ذكرتني بما ورد في آخر الحديث، فقد
قال فيه a: (فإن الرجل منكم
ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب، فيعمل
بعمل أهل النار فيدخل النار، وإن الرجل ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه
وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخل الجنة) [1]
قال: فهذا الحديث يدعو السعداء إلى مراعاة أنفاسهم
في كل لحظة، حتى لا تسلبها منهم الأهواء.. ويدعو الأشقياء إلى المسارعة إلى
التوبة، فرحمة الله وكرمه لا تمتنعان منهما مثلما لا تمتنعان من المحسنين، لأن
الجميع مرسل متاح، والأعمال هي التي تحدد المصير.
2 ـ أسرار
الاستقبال:
قلت: وعيت هذا.. فحدثني عن أسرار الاستقبال.
قال: ألم تسمع سورة العصر؟
قلت: بلى.. تلك التي تحدد قوانين الربح والخسارة،
وقد قال فيها الإمام الصادق مبينا فضل قراءتها
والتدبر فيها: (من قرأ [والعصر] في نوافله بعثه الله يوم القيامة
[1] رواه البخارى (3/1174، رقم 3036) ،
ومسلم (4/2036، رقم 2643)