قال: المراد من عمله ليس كسبه، وإنما الوظيفة التي
ندب لها، ونوع الأسئلة التي تطرح عليه، وليس ما يعمله، أو ما يجيب به.
قلت: وما تقول في رزقه الذي كتب له؟
قال: أنت ترى في الواقع أن لكل إنسانا شعورا يجذبه
لحرفة معينة، أو لطعام معين، فيكون رزقه من تلك الحرفة أو من ذلك الطعام، وقد جعل
الله ذلك كذلك حتى يستقيم أمر الخلق، فلا يمكن أن يتوجهوا جميعا نحو حرف واحدة،
ولا أن يأكلوا من طعام واحد.
قلت: وما تقول في الشقاوة والسعادة المذكورة في
الحديث؟
قال: أقول فيها ما ورد في الدعاء المشهور الذي وردت
به دواوين الأحاديث والآثار، ودعا به جميع الصالحين: (اللهم، إن كنت كتبتنا أشقياء
فامحه، واكتبنا سعداء، وإن كنت كتبتنا سعداء فأثبتنا، فإنك تمحو ما تشاء وتثبت
وعندك أم الكتاب)[1]
قلت: ما تعني بذلك؟
قال: ألا ترى أن أي مؤسسة من المؤسسات تضع علامات
للنجاح من بلغها فاز، ومن لم يبلغها رسب.. ثم تعلم جميع المنتمين إليها بذلك..
فتكون اختياراتهم هي التي تحدد مصيرهم؟
قلت: بلى.. وكل حياتنا قائمة على ذلك.
قال: فالشقاوة والسعادة مرتبة بذلك.. وهي باختيار
العبد، ولا يفرض عليه
[1]
انظر الآثار الكثيرة الواردة في هذا في تفسير ابن كثير (4/ 469)