قال:
فأنت ترى أن الله تعالى توعدهم بالعقوبتين: الدنيوية والأخروية.
قلت:
ولكن ذلك كان وعيدا ووصفا لما وقع لبني إسرائيل.
قال:
سنة الله تعالى في عباده واحدة، والله لا يفرق بين مسلم ولا يهودي، ولا مسيحي..
وإذا رمي هؤلاء جميعا في البحر لم ينجو إلا العارف منهم بالسباحة.
قلت:
ألهذا استطاع أعداء هذه المدينة أن يكسبوا القوة التي يتسلطون بها عليها؟
قال:
أجل.. لأن المؤمنين الذين أقاموا قوله تعالى: ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ
وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ﴾ [البقرة: 43]، هم
أنفسهم الذين قصروا في قوله: ﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ
قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ﴾
[الأنفال: 60].. ولذلك جاءهم عدوهم من هذا الجانب.
قلت:
ولكن لم لم تحمهم صلاتهم؟
قال:
أرأيت لو كنت تسير في المطر، ثم غطيت رأسك، ولم تغط سائر بدنك.. فهل ترى رأسك يحمي
سائر بدنك؟
قلت:
كلا.. فالبلل سيصيب كل جزء غير مغطى..
قال:
فهكذا البلاء.. قد تحتمي بعض حياتك منه، لكنها لن تحتمي جميعا.. فلكل جهة حصنها
الخاص بها.
قلت:
فما الغطاء الذي تراه مناسبا لأهل هذه المدينة حتى يخرجوا من ذلهم وفقرهم وحاجتهم،
وكل أنواع البلاء المسلطة عليهم.
قال:
أنا هنا في هذه الجبال أدعو إلى أربعة سنن من تحقق بها، رفع عنه كل بلاء، ونزلت
عليه كل ألوان العافية.