أبو العزائم)[1]، وقد علمت أنه قدم من مصر، وأن له فيها أتباعا كثيرين..
وقد أحضره
شيخي أحمد الرفاعي لغرض تنقية نفوس المريدين من مرض الهلع.
كان أول
سمعته من بعض التلاميذ في حلقه الدرس قوله: يا شيخ.. لقد سميتم هذا القسم (قسم
الهلع)، ونحن لا نعرف هذه الكلمة.. فما تريدون منها؟
قال: نريد
منها ما أراده القرآن الكريم.
قال الرجل:
فما أراد القرآن منها؟
قال: لقد ورد
ذكر الهلع بلفظه في قوله تعالى – وهو يذكر ما طبع عليه الإنسان من صفات
الضعف- :﴿ إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا (19) إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ
جَزُوعًا (20) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا (21) ﴾ (المعارج)
وقد عبر
القرآن الكريم عن هذا المعنى في آيات أخرى، فقال:﴿ وَلَئِنْ أَذَقْنَا
الْإِنْسانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْناها مِنْهُ إِنَّهُ لَيَؤُسٌ كَفُورٌ
(9) وَلَئِنْ أَذَقْناهُ نَعْماءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ
السَّيِّئاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ (10) إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا
وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ (11)﴾
(هود)، وقال:﴿ وَإِذا أَنْعَمْنا عَلَى الْإِنْسانِ أَعْرَضَ وَنَأى
بِجانِبِهِ وَإِذا مَسَّهُ الشَّرُّ كانَ يَؤُساً (83)﴾ (الإسراء)،
وقال:﴿ لا يَسْأَمُ الْإِنْسانُ مِنْ دُعاءِ الْخَيْرِ وَإِنْ مَسَّهُ
الشَّرُّ
[1]
أشير به إلى الشيخ الجليل محمد ماضي أبو العزائم (1286 هـ/1869 م - 1356 هـ/1937
م) مؤسس الطريقة العزمية والمصلح المجدد المعروف، الذي قاله فيه الشيخ محمد الفحام
شيخ الأزهر الأسبق: (لقد عاصرت في شبابي فترة من فترات حياة الإمام أبي العزائم،
فلمست عن قرب جهاده في إعلاء كلمة الدين، وأسلوبه الحكيم في معالجة الأمور بما يجب
أن يكون عليه العلماء المرشدون، والأئمة الصالحون، وسيرة الإمام محمد ماضي أبي
العزائم تعتبر نبراسا للشباب، ومنارا للجيل يسير على هديها فيعبر الطريق إلى الحق.
وإن جهود الإمام أبي العزائم في إرساء قواعد التصوف على أساس سليم منزه مما علق به
من شوائب وجهوده في لم شعث الأمة، والتنبيه إلى مخاطر الحزبية البغيضة وتوجيه
نصائحه إلى الزعماء، ودوره في ثورة 1919م وفي أعقابها، ثم دوره الفعال في مسألة
الخلافة الإسلامية، ما يشهد لهذا الرجل بأن يكون في طليعة المجاهدين الذين لا
يسألون عن جهادهم أجرا، ولا عن عملهم شكراً ) (الموسوعة الذهبية جـ 34 ص 302)