(بسكال) مثلا كان يرى أن الإيمان الدِّيني لا يخضع
للعقل، بل يتعلّق بالوجدان القلبي؛ فهو يقول: (إن القلب هو الذي يستشعر الله لا
العقل، هذا هو الإيمان، الله محسوس للقلب لا للعقل)
أما (إيمانويل
كانت)، فقد كانت فلسفته النقدية تتمحور حول تأكيد عجز العقل عن إثبات
الميتافيزيقيا ـ أي: الغيوب ـ وأعظم تلك الغيوب مسألة (وجود الله) و(حرية الإرادة)
و(خلود النفس)، لكن (كانت) يعود ويؤكد ثبوت هذه المسائل الميتافيزيقية، لكن من
طريق آخر، وهو الأخلاق أي: الوجدان الداخلي، أو كما يسميه (العقل العملي)
وهكذا كان (برتراند
رسل).. فعلى الرغم من كونه ملحداً لا يدين بدين إلا أنه كان يؤكد على أن (الدِّين)
لا يأتي بحلول مقنعة عقلية للمشكلات، وإنما هو قائم على الإرغام لا الإقناع العقلي،
ففي سياق وصفه الفلسفة يقول: (.. لكنها ـ أي: الفلسفة ـ كذلك تشبه العلم في أنها
تخاطب العقل أكثر مما تستند إلى الإرغام، سواءً كان ذلك الإرغام صادراً عن قوة
التقاليد أو قوة الوحي..)
وهكذا (جورج
سنتيانا)، فقد قال عن الإيمان الدِّيني إنه (غلطة جميلة أكثر ملاءمة لنوازع النفس
ومن الحياة نفسها).. وقد كان يميل إلى الدِّين شعورياً، لكن يكفر به عقلياً.. وقد أرَّقته
هذه المشكلة فدفعته إلى تأليف كتابه الشهير (العقل في الدِّين)، انتهى فيه إلى
اللاأدرية المظلمة ممتزجة بميل عاطفي إلى الدِّين.
كانوا
يتحدثون بذلك وغيره، بينما النيران والعقارب والحيات تلتهم قلوبهم وعقولهم
وأرواحهم وكل لطائفهم، وهم في غفلة تامة عنها..
وكان وعاظهم
يصيحون فيهم بكل اللغات، وبكل الأدلة لكنهم بسبب شراب الإلحاد الذي سقاهم إياه
الشيطان لا يسمعون شيئا، ولا يبصرون.