قال له صاحبه: ولكن الإلحاد الذي تدعوني إليه قد يحتاج
هو الآخر إلى هذه الأدلة الاستثنائية؟
قال: لا.. لا..
يكفي لتبرير الإلحاد أن نظهر ضعف أدلة المعتقدين بوجود الله وعدم تماسكها.. فليس
من الضروري لتبرير الإلحاد أن نبرهن على عدم وجود هذه الآلهة، أو حتى تقديم
تفسيرات بديلة.
قال له صاحبه
بنوع من التردد: ولكن طريق الإيمان – مع ذلك-
مملوء بالأنبياء والأولياء والأصفياء.. بينما طريق الإلحاد لا أحد يسلكه.
رد عليه
صاحبه: لا.. لا تقل هذا.. فطريق الإلحاد هو المملوء بخلاصة خلاصة العقول البشرية..
لا شك أنك لا
تعرف (دولباخ).. إنه فيلسوف من القرن الثامن عشر.. لقد رفض كل الأدلة المطروحة على
وجود الله.. واعتبر الطبيعة في الكون كله كُلا واحدا بذاته لا يحتاج إلى غيره في
تفسيره، ولهذا أنكر الإلهَ، حتى أنه كان يتباهى بأنه العدو الشخصي للإله.
ومثله
الفيلسوف العبقري (نيتشه).. صاحب فلسفة القوة..لقد ذكر أن (الإنسان في لحظة تعسه
من حياته اخترع خرافةً أسماها (الله)، وظلَّ منذ ذلك الحين مكبّلاً بقصة من خلقه
هو، إلا أنه ليس من إله غير الإنسان لو واتته الشجاعة على أن يعرف قدره..).. وقد أعلن
في كتابه المقدس (هكذا تكلَّم زرادشت) موتَ الإله، إذ يقول: (إن الله قد مات)
ومثلهما كثير
من عباقرة الفلاسفة كماركس ولينين وكونت وغيرهم..
قال له
صاحبه: ولكن الكثير من الفلاسفة ذكروا أنهم يؤمنون بالله؟
رد عليه: هم
يذكرون ذلك من باب التقية لا من باب العقل.. هم يقولون ذلك حرصا على العوام وربما
حرصا على سمعتهم ومناصبهم لا على أن الإيمان هو الحقيقة التي هداهم إليها العقل
والبحث..