قلنا: فهلا حدثتنا عن الفرق بين هذه الدرجة، والتي
قبلها.
قال: تعرفون
اختلاف الدرجتين بالمشاهدات؛ فإنكم في خلوتكم قد تتعاطون أعمالاً فيحضركم صبي أو
امرأة فتعلمون أنه مطلع عليكم فتستحون منه فتحسنون جلوسكم وتراعون أحوالكم، لا عن
إجلال وتعظيم بل عن حياء.. وقد يدخل عليكم ملك من الملوك أو كبـير من الأكابر
فيستغرقكم التعظيم حتى تتركون كل ما أنتم فيه شغلاً به، لا حياء منه.. فهكذا تختلف
مراتب العباد في مراقبة الله تعالى.
ومن كان في
هذه الدرجة فإنه يحتاج أن يراقب جميع حركاته وسكناته وخطراته ولحظاته، بل جميع
اختياراته.
قال رجل منا:
كيف ذلك؟
قال:
للمراقبين في هذه الدرجة نظران: نظر قبل العمل، ونظر في العمل.
قلنا: فحدثنا
عن نظرهم قبل العمل.
قال: لقد
أشار إلى هذا النوع من النظر قوله تعالى :﴿ وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ
بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ
عَنْهُ مَسْئُولًا (36)﴾ (الإسراء)
وفي الحديث،
قال رسول الله a : (الحلال بيّن والحرام بيّن وبينهما
مشتبهات لا يعلمهنّ كثير من النّاس. فمن اتّقى الشّبهات استبرأ لدينه وعرضه، ومن
وقع في الشّبهات كراع يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه ألا وإنّ لكلّ ملك حمى ألا
وإنّ حمى اللّه في أرضه محارمه ألا وإنّ في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كلّه،
وإذا فسدت فسد الجسد كلّه، ألا وهي القلب)[1]
وقال الإمام علي:
(الهوى شريك العمى، ومن التوفيق التوقف عند الحيرة، ونعم