طارد الهم اليقين، وعاقبة الكذب الندم، وفي الصدق
السلامة، رب بعيد أقرب من قريب، وغريب من لم يكن له حبـيب، والصديق من صدق غيبه،
ولا يعدمك من حبـيب سوء ظن، نعم الخلق التكرم، والحياء سبب إلى كل جميل، وأوثق
العرى التقوى، وأوثق سبب أخذت به سبب بـينك وبـين الله تعالى إنما لك من دنياك ما
أصلحت به مثواك، والرزق رزقان: رزق تطلبه ورزق يطلبك فإن لم تأته أتاك، وإن كنت
جازعاً على ما أصيب مما في يديك فلا تجزع على ما لم يصل إليك، واستدل على ما لم
يكن بما كان فإنما الأمور أشباه، والمرء يسره درك ما لم يكن ليفوته ويسوءه فوت ما
لم يكن ليدركه، فما نالك من دنياك فلا تكثرن به فرحاً وما فاتك منها فلا تتبعه
نفسك أسفاً، وليكن سرورك بما قدمت وأسفك على ما خلفت وشغلك لآخرتك وهمك فيما بعد
الموت)
قلنا: وعينا
ما أردت من النصوص، ولكنا لم نع مرادك من إيرادها.
قال: إن هذه
النصوص تدل على هذا النوع من النظر.. إنها تدعونا إلى نظرين قبل العمل:
أما أولهما،
فهو في مدى موافقة العمل للشريعة.. فلا يطاع الله إلا بما شرع.
وأما الثانية،
فتدعونا إلى النظر في محركنا للعمل، أهو لله خاصة أو هو في هوى النفس ومتابعة
الشيطان؟ فيتوقف فيه ويتثبت حتى ينكشف له ذلك بنور الحق، فإن كان لله تعالى أمضاه،
وإن كان لغير الله استحيا من الله وانكف عنه ثم لام نفسه على رغبته فيه وهمه به
وميله إليه وعرّفها سوء فعلها وسعيها في فضيحتها وأنها عدوّة نفسها إن لم يتداركها
الله بعصمته.
وهذا التوقف
في بداية الأمور إلى حدّ البـيان واجب محتوم لا محيص لأحد عنه، وقد ورد في بعض
الآثار: (إنه ينشر للعبد في كل حركة من حركاته وإن صغرت ثلاثة دواوين: الديوان
الأوّل: لم؟ والثاني: كيف؟ والثالث: لمن؟ ومعنى (لمَ) أي لم فعلت هذا أكان عليك