الله تعالى سيسأل عباده عن هذه العهود، قال تعالى:﴿ وَلا تَقْرَبُوا
مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ
وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً (34)﴾(الاسراء)،
وقال:﴿ وَلَقَدْ كَانُوا عَاهَدُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ لا يُوَلُّونَ
الْأَدْبَارَ وَكَانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسْؤُولاً (15)﴾ (الأحزاب)
قال رجل منا:
نعم ما قرأته.. وصدق الله ورسوله وسلمنا لهما.. ولكن لمن نمد أيدينا بالمعاهدة
والبيعة.. لقد قبض الله رسوله a.. فكيف نبايع ومن
نبايع؟
قال: إن كان
محمد a قد مات، فإن الله حي لا يموت..
قال الرجل:
تقصد أن نبايع الله ونعاهده؟
قال: أجل..
ألم تسمعوا إلى الله تعالى، وهو يخبر عن بيعة المؤمنين لربهم ومعاهدتهم له، كما
قال تعالى :﴿ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ
عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا
بَدَّلُوا تَبْدِيلاً (23)﴾ (الأحزاب)؟
وقد ورد في
سبب نزول هذه الآيات ما يدل على هذا المعنى، فعن أنس قال: نرى هذه الآيات نزلت في
أنس بن النضر)[1]
وقد قص علينا
ثابت قصة هذا العهد العظيم، فقال : كان أنس عمي (أنس بن النضر)، لم يشهد مع رسول
اللّه a يوم بدر فشق عليه، وقال: أول مشهد شهده رسول اللّه
a غبت عنه، لئن أراني اللّه تعالى مشهداً فيما بعد
مع رسول اللّه a ليرين اللّه ما أصنع، قال:
فهاب أن يقول غيرها، فشهد رسول اللّه a يوم أُُحد، فاستقبل
سعد بن معاذ، فقال له أنس: (يا أبا عمرو أين، واهاً لريح الجنة إني أجده دون أحد)،
قال: فقاتلهم حتى قتل، قال: فوجد في جسده بضع وثمانون بين ضربة وطعنة ورمية، فقالت
أخته عمتي الربيع ابنة النضر: فما عرفت أخي إلا ببنانه، قال: فنزلت هذه الآية
:﴿ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ