الإنسان الذي لا يصنع إلا في مصنع الإسلام) حينها سيدخل الناس في
دين الله أفواجا.
قلت: تقصد صناعة القدوة؟
قال: إن البشر بطبيعتهم التي جبلوا عليها لا تكفي في تغييرهم
الأقوال، وهم لذلك يحتاجون إلى النماذج الراقية التي تبعث الحياة في أجساد
الكلمات.
قلت: فما مجامع هذا، وما أصوله، وكيف نصل إليه؟
قال: ذلك علم من العلوم لم يؤذن لي أن أبثه لك.. وإن كنت صادقا،
فسيقيض الله لك من يعلمك علومه[1].
قلت: فاذكر لي دليلا يدل عليه.
قال: قوله تعالى:﴿
لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو
اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً﴾ (الأحزاب:21)،
فقد أشار الله تعالى في هذه الآية إلى أن رسول الله a داعية إلى الله بأفعاله وسلوكه وآدابه.
اللسان:
قلت: فكيف جعلت اللسان في المرتبة
الثانية؟
قال: لأن الله تعالى جعل اللسان هو وسيلة
الخطاب.. ولذلك فإن الداعية إلى الله يستثمره أعظم استثمار في الدعوة إلى ربه..
لقد ورد لفظ: (قل) الداعي إلى استعمال هذه الوسيلة في القرآن الكريم في أكثر من
ثلاثمائة آية.. وقد أثني الله تعالى على أقوال الدعاة إلى الله، فقال:﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا
إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾ (فصلت:33)
وقد أخبر الله تعالى أنه ما أرسل من رسول
إلا بلسان قومه، فقال:﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ