قلبت صفحات الدفتر، فوجدت أربعة مراتب كبرى، هي (العيان، واللسان،
والإحسان، والسنان)، فقلت: أهذه مراتب هذا الباب؟
قال: هذه بعض مراتب هذا الباب.. أو هي مجامع مراتب هذا الباب.
العيان:
قلت: فما العيان؟
قال: الإنسان.
قلت: لم أفهم.. كيف يكون الإنسان وسيلة؟
قال: الإنسان هو أعظم الوسائل.. وليس في الدعوة إلى الله أعظم من
الإنسان.
قلت: تقصد لسان الإنسان، أم جميع الإنسان؟
قال: لسان الإنسان بعض الإنسان.. وهو وسيلة من الوسائل.. وهو أقصر
بكثير من وسيلة (الإنسان)
قلت: أنت تعلم صعوبة حلي للألغاز، فوضح لي ما ترمي إليه.
قال: أرأيت لو أن خطيبا مفوها جاء بخطبة طويلة عريضة يصف فيها سلعة
من السلع.. ثم جاء آخر لم يتحدث كلمة واحدة، وإنما عرض السلعة، وأراهم من خلال
سلوكها وفوائدها قيمتها.. أيهم أقوم قيلا، وأفصح لسانا؟
قال: فهكذا في عرضنا للإسلام.. قد نعرضه في مقالات وخطب.. وتظل تلك
المقالات والخطب مجرد كلمات قد تبث فيها الحياة، وقد تظل ميتة لا يهتم لها أحد،
ولا يستفيد منها أحد.. لكنا لو عرضنا الإسلام عبر النماذج الإنسانية الراقية،
وقلنا للعالم:(هذا هو
[1] رواه
أحمد وابن منيع والطبراني والعسكري وابن حبان والحاكم موقوفا على ابن عباس.