قال: ولهذا الإيمان تأثيره النفسي والتربوي الكبير على الإنسان.. إنه
ينقله من عالم البهيمية الذي تلقيه فيه غرائزه وأهواؤه إلى عالم الإنسانية الرفيع..
قلت: إن بعض الناس يمزجون الحديث بعالم الغيب بقصص هي أقرب
إلى الأساطير منها إلى الحقائق[1]؟
قال: عالم
الغيب هو العالم الذي وردت النصوص المعصومة بالإخبار عنه، أما ما عداه فعالم
خرافة.
قلت: ولكن تفاصيله مبثوثة في كتب العقيدة والتفسير والحديث والفقه؟
[1] والأمثلة على دخول الخرافة هذه
العوالم الغيبية كثيرة، منها ـ مثلا ـ الخرافات التي نسجت حول الملائكة الموكلين
بالعرش ـ عليهم السلام ـ والتي تلبست بلباس الحديث الشريف، فذكرت أنهم (ثمانية
أملاك على صورة الأوعال)، وأن (لكل ملك منهم أربعة أوجه وجه رجل ووجه أسد ووجه ثور
ووجه نسر وكل وجه منها يسأل الله الرزق لذلك الجنس)، و(أن فوق السماء السابعة
ثمانية أو عال بين أظلافهن وركبهن مثل ما بين سماء إلى سماء وفوق ظهورهن العرش)
وقد رويت هذه الأساطير ـ للأسف ـ في كتب التفسير
المعتمدة، وهي مما يحرص العامة على مثله، وهي خرافات لا حظ لها من العلم، ولا حظ
لراويها وملفقها من الذوق، وقد رد عليها ـ بحمد الله ـ الشيخ محمد زاهد الكوثري،
برسالة سماها « فصل المقال في بحث الأوعال) أو (فصل المقال في تمحيص أحدوثة
الأوعال)، فذكر المصادر التي أخرجت هذه النصوص وتتبع أقوالهم تمحيصا وتحليلا
وانتهى إلى أنّها أقاصيص دخيلة لا أصل لها.