الشعوب هو مجرد تخييلات لا تختلف كثيرا عن تخييلات السحر.
وتبين لي أننا لو حملنا ما معنا من الحقائق المطلقة، وسرنا في العالم
نتحدى بها، فإنا سنجد كثيرا من السحرة الذين يسجدون لها، ويذعنون.
قال القمي: إن ذلك يستدعي معارف كثيرة.
قال ديدات: لا بد من تلك المعارف.. فلا يمكن لمن يريد أن يخوض البحار
إلا أن يكون خبيرا بالسباحة.
قال القمي: ليست المعارف فقط.. فما أكثر من لديه المعارف.. ولكنا
نحتاج إلى الصحون التي توضع فيها تلك المعارف.. فقد رأينا من الجهلة من يضع أجمل
المعارف وأطيب اللطائف في صحون نجسة منتنة، فينفر الناس من الدين بسببها.
قال ديدات: وهذا ما تبحث فيه خطتي.. فقد وضعت في ذلك ـ بحمد الله ـ
خطة شاملة، تؤسس لجيل يحمل عصا الإسلام ليخاطب بها العالم، ولن يملك العالم إلا أن
يسلم لهذه العصا.
قال شكيب: فكيف اهتديت إليها؟
قال ديدات: كنت أقرأ أحاديث الوفود التي جاءت رسول الله a تريد أن تتثبت مما عنده، لتعرضه على ما
عندها، وقد استوقفني منها حديث هذا الوفد الذي سأقصه عليكم، لتمتلئوا بما فيه من
العبرة.. لقد جاء رجل إلى رسول الله a فقال: يا محمد اخرج إلينا، فلم يجبه، فقال الأقرع: يا محمد إن حمدي
لزين وإن ذمي لشين، فقال رسول الله a:
(ذاك الله عز وجل)، فقالوا: إنا أتيناك لنفاخرك فأذن لشاعرنا وخطيبنا، فقال a: (قد أذنت لخطيبكم فليقل).
فقام عطارد بن حاجب فقال: (الحمد لله الذي له علينا الفضل وهو أهله،
الذي جعلنا ملوكا ووهب لنا أموالا عظاما، نفعل فيها المعروف، وجعلنا أعز أهل
المشرق وأكثره عددا