ليس ذلك فقط.. بل إن النبي a قام بتمثيل كيفية الصلاة، ولم يرد الصلاة ـ وقتئذ ـ لذاتها، وإنما
أراد تعليم الناس، فعن سهل قال: رأيت رسول الله a صلى عليه (أي على درجات المنبر)، وكبر
وهو عليها، ثم ركع وهو عليها، ثم نزل القهقري، فسجد في أصل المنبر ثم عاد، فلما
فرغ أقبل على الناس، فقال: (أيها الناس؛ إنما صنعت هذا لتأتموا بي، ولتعلّموا
صلاتي)[2]
ومثل سبطا رسول الله a،
وسيدا شباب أهل الجنة، فقد روي أنهما رأيا ـ وهما طفلان ـ رجلا لا يحسن الوضوء،
فاتفقا على طريقة لطيفة لكي لا يجرحا كبرياءه، فقالا له: يا عم، يزعم هذا أنه يحسن
الوضوء، وأني لا أحسن؛ فنرجوك أن تنظر إلينا، وأن تحكم بيننا؟، فتوضآ أمامه أحسن
ما يكون الوضوء، وفهم الرجل وقال: يا بني أنا عمكم الجاهل لا أنتما.
قال القمي: نعم ما ذكرت.. وسأبشر أهل بلدي[3] بهذا.. فإن فيهم من عباقرة
الإخراج والتثميل ما يملؤكم بالعجب..
قال الشعراوي: ومثل ذلك أهل بلدي.. ولم يدعني إلى ذكر هذه الوسيلة
والاستهلال بها إلا لأنه يأتيني بين الحين والحين من الممثلين الصادقين ما جعلني
أشعر بأهمية هذه الوسيلة وضرورتها.
قال ديدات: ولكنها لا بد أن تكون في مستوى التحدي.. فنحن الآن في
عالم لا يهتم لشيء كما يهتم بالمتقن من الأعمال.
قال الشعراوي: أجل.. لا ينبغي أن يعرض الجميل إلا في اللباس الذي
يليق به.