ولهذا، فإن العدل في الإسلام ـ على حسب ما تدل النصوص المقدسة ـ يبدأ
من العدل مع النفس، ويمتد إلى كل علاقات الإنسان..
فقد أمر من له عدة زوجات أن يعدل بينهن في كل شيء غير مبال بما يهواه
قلبه منهن، قال تعالى:﴿ وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى
فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ
خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ
أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا﴾ (النساء:3)، وفي الحديث قال a : (من كانت عنده امرأتان، فلم يعدل بينهما جاء يوم القيامة،
وشقه ساقط)[1]
قال الكواكبي: إن هذا يدعو المسلمين إلى تبني جميع ما تطلبه النساء
من حقوق.. فمن العار أن نجد من يتولى مثل هذا نساء ورجال لا علاقة لهم بالإسلام،
ثم يجدون من فقهاء المسلمين المتزمتين من يمدهم بما يحاربون به الدين، ويمنعون
أكثر النساء من الدخول في دين الله أفواجا.
قال القمي: فأرسلوا إلى سحنون.. وجميع المفتين من ورثة النبي a أن لا يفتوا إلا بما تقتضيه العدالة فـ (الشريعة
مبناها وأساسها على الحكم ومصالح العباد في المعاش والمعاد، وهي عدل كلها، ورحمة
كلها ومصالح كلها، وحكمة كلها، فكل مسألة خرجت عن العدل إلى الجور، وعن الرحمة إلى
ضدها، وعن المصلحة إلى المفسدة، وعن الحكمة إلى العبث فليست من الشريعة وإن دخلت
فيها بالتأويل)[2]
قال الشعراوي: ومن العدل الذي ورد الحض عليه في النصوص العدل بين
الأولاد، وقد روي في هذا عن بعضهم أنه قال: نحلني أبي نَحْلا، فقالت أمي: لا أرضى
حتى تُشْهد